الأحد، 25 يناير 2015

نجوى كرم بلا نجومية


نجوى كرم بلا نجومية
 
لم تكتفِ نجوى كرم هذه المرّة بلقطات جمالية أو بضخامة ديكورات وأناقة صورة وحسب وإنما اختارت في فيديوكليبها الجديد «عالصخرة» أن تنقل بعدسة فادي حداد وبجرأة لافتة قصّة قد تشبه إلى حدّ بعيد قصتها الشخصية مع الشهرة والأضواء والقرارات الصعبة...
 

هي ليست المرّة الأولى التي تتفاعل فيها شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم مع المشاعر التي قد تثيرها موضوعات أغنياتها. فالمطربة صاحبة الصوت الجبلي المتمكّن والتي صنعت شهرتها من خلال عدد ضخم من الأغنيات الشعبية- الطربية الضاربة على مدى سنوات، أثبتت من خلال عدد ليس بقليل من الأعمال المصوّرة أنها قادرة على تجسيد صورة المرأة في مختلف حالاتها العاطفية والإنسانية سواء أكانت عاشقة متيّمة أو تلميذة مغرمة أو امرأة مجروحة بغدر الخيانة...
لكنّ الصورة الأكثر رسوخاً لدى جمهورها هي صورة المرأة القوية التي لا تهزّها ريح. هذه الصورة التي تنهل من طبيعة الشخصية الزحلاوية الفذّة، تكرّست بفعل فيديو كليبات عدّة ظهرت فيها نجوى كرم بشموخها المعهود.

ولكن هذه المرّة يبدو أنّ الطبخة الإخراجية التي أشرف على نضجها فادي حدّاد أعطت نتيجة مختلفةً تماماً وسمحت لجمهور نجوى كرم بالتعرّف إلى جزء حسّاس من كيانها كامرأة وفنانة مشهورة في آن.

لقد لعب الشريط المصوّر بذكاء لذيذ على حدّة الاختلاف بين هالة النجمة الكبيرة وبين صورة المرأة العاديّة التي تسمتدّ جمالها من بساطتها وعفوية تصرّفاتها. هكذا تجسّد كرم في الفيديو كليب شخصية فنانة مشهورة راهنت على فنّها وفضّلته على حياتها الخاصّة فوجدت نفسها بعد مرور الزمن وحيدةً في غرفة يملؤها الندم وساعات الزمن المتوقّف وفريسةً لنيران تلتهم أيامها ومعها أحلامها.

ترى طفلاً فتأخذه بين ذراعيها وتعتصرها غصّة. تتابع عرضاً للأزياء وتصفق مبتسمةً للفستان الأبيض قبل أن تهرب من ضحكتها إلى دمعتها، وتركض تركض هاربةً، تجرّ وراءها أحلامها المتساقطة وكلّ الخيبات الشخصية التي لطالما أخفتها خلف ابتسامة يقضمها الحرمان.

ومع أنّ نجوى كرم لم تتخلَّ عن الإبهار في فساتينها وإطلالتها المشغولة بحرفية، لا تهمل أيّ تفصيل، إلا أنها قررت أن تضع طوعاً نجوميتها جنباً وتسمح لجمهورها برؤية نجوى كرم بلا نجومية، نجوى كرم الإنسانة التي قد تبتسم للكاميرا من جهة وتدير وجنتها لدمعة غدّارة من جهة أخرى.

ليس شرطاً أن تكون النجمة الشهيرة قد اختارت أن تجسّد قصتها الحقيقية في العمل، فالقصة تصلح لأيّ نجمة في العالم فضّلت فنّها على حياتها الخاصة، ولكنّ النافذة الصغيرة التي فتحها العمل المصوّر على عالم هذه النجمة المعروفة سمح لضوء بهيّ أن يتسللّ إلى الوجه الذي ظننّاه لا يعرف سوى القوّة والعنفوان.

نجوى التي بدت رائعة بفساتينها المشغولة كانت جميلة الجميلات بفستان المرأة الصادقة الذي لبسته وركضت به في شوارع المدينة، وهي مدعوّة أكثر من أيّ وقت مضى لتعيد خلق هويتها الفنية مع كلّ عمل جديد، وتغلّب القصّة على الصورة لأنّ الأخيرة انعكاس لغبار، أمّا الأولى فمرآة للفنان الحقيقي الذي يملك شعوراً قادراً على تحريك الأدوار.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق